التقرير 2 الجيش ومسؤليته الوطنية

ملتقى الإصلاح/ المحور السياسي
التقرير الثاني :
الجيش المصري ومسؤوليته الوطنية
لقد أثبت التاريخ أن الجيش المصري، جيش دولة عقائدي، يتحلى بمهنية وإنضباط وتميز على أعلى المستويات، وهذا ما يجعله مستهدفا على الدوام.، ورغم عقيدة الجيش كجيش للدولة، وليس للسلطة إلا أن إستراتجياته ورؤاه كانت جامعة شاملة ولم يكن بعيداً عن المشهد السياسي الذي تديره السلطة لذلك كان له الثبات والرشد على الدوام. ومن أهم المفاهيم العميقة الرسوخ لدى الجيش نجد الآتي :

1- الدولة (وطنا وشعبا وسيادة وقيماً).
2- قدسية التاريخ والعلاقة الروحية الصلبة بين الشعب والجيش والتاريخ.
3- المؤسسات (الملكيتين الخاصة والعامة، ووسائل إدارة الدولة وحفظ النظام).
4- القانون والانضباط.
5- الأمن في إطار الجيش .. الأمن الوطني .. الأمن القومي.
6- شكل وحال الوضع السياسي عندما يتعلق الوضع بالسيادة والكرامة.
مقدمة تمهيدية:
لقد تجلت مسؤلية الجيش، في انتفاضة 25 يناير عندما رفض الجيش قمع الشعب وأعطى مهلة زمنية للقيادة السياسية لإصلاح الموقف وتكرر المشهد ذاته حينما حاول المجلس العسكري اصلاح شؤون البلاد وتدارك الموقف مع القيادة السياسية التي رفضت الاستماع للمجلس العسكري والرأي الآخر ! متمادية في رؤيتها الفئوية التي جعلت من الوطن اثنين، ومن الشعب فئات وأصناف قبل 30 يونيه، وكما ساند الجيش الشعب في 25 يناير، راقبه حتى يوم الـ 30 من يونيو حتى تكتمل الشرعية القانونية والشعبية، ولم يصدر عن الجيش أي موقف منفرد قبل يوم 30 يونيو، ولا بعده وقد صدرت قبل ذلك عدة بيانات تحذر من نفاذ صبر الجيش الرقيب على السيادة والكرامة، وفي هذه البيانات رسائل ضمنية وصريحة تقيم الأوضاع، وتطالب بالإصلاح خاصة فيما يتعلق بالأمن الوطني والقومي، إضافة إلى الإصلاحات السياسية والإدارية والاقتصادية، والإضرار بالمفاهيم السيادية والسعي إلى ضرب وتقزيم مؤسسات الدولة، وتحويلها من مؤسسات دولة رصينة إلى مؤسسات فئوية مما دفع إلى تعاضد شعبي كبير مع مفهوم الدولة والسيادة ومؤسسات ورجال الدولة، ووثق الشعب إعتراضه تحريرياً وعملياً في الميادين حتى ظن الناس أن مصر كلها قد خرجت وقد أثبتت الصور وأثبت التوثيق أن الفئة التي إدعت شرعية الحكم لم تمتلك أدنى حدود الشرعية اللازمة لإدارة البلاد ويثبت هذا التوثيق ان نتائج الانتخابات المصرية لعام 2012 كانت نتائج غير شفافة، وسارعت الأمور بإتجاه إنقاذ الدولة من أعمال إرهابية في كافة الأرجاء وأعمال شغب بدأت بأحداث شارع محمد محمود في نوفمبر 2011 التي جاءت نتيجة دعوة قوى اسلامية متطرفة إلى الإسراع في نقل السلطة وتهميش دور الجيش، كما أن الذين صوتوا بإنفعالية وعلى غير رشد في إنتخابات الرئاسة 2012م، عادوا ليسحبوا أصواتهم في 30 يونيه، بعد فقدان الأمل في أن تكون الحكومة حكومة شعب ودولة، وليست حكومة حزبية فئوية وأعادت الثورة التصحيحية في 30 يونيه الجميع إلى أحجامهم الطبيعية، وأنقذت البلاد من إنحدار مُهلك كاد ان يقضي على الدولة في مصر، وسيستمر تأثيره المرير لسنوات عديدة كتركة صعبة مضافة إلى سنين عجاف سابقة.، وبما أن الحديث عن الجيش الذي تعرض له المتطرفون ومن ورائهم لهدمه وتهميش دوره وتحطيم صخرة كبريائه فإنه لولا حماية الجيش للشعب وإرادته لما أدت ثورة 30 يونيه الغرض الذي قامت من أجله، وما كانت تصل إلى ما وصلت اليه من أهداف لولا حماية الجيش للسيادة والكرامة والإرادة الشعبية العارمة التي مثلت جميع المصريين حتى أغلبية الذين صوتوا للجهات الفئوية، وما كان للجيش ان يستجيب لمطالب المتظاهرين من أول مناداة، فجيش الدولة لا يمكن له أن ينصر فئة في امر دون الاخرى، وتقتضي المسؤولية الوطنية نصرة الدولة والشعب والسيادة والكرامة والتاريخ، وكان تريث الجيش وصبره لأشهر طوال صعبه وقاسيه وتريثه في الرد على الشعب في الايام السابقة لـ 30 يونيه في إنتظاره لإكتمال النصاب القانوني والشعبي الكافي لتلبية نداء الانقاذ والتغيير، وكان تريث الجيش مثاراً لإعجاب دولاً وخبراء ومحللين سياسيين محايدين في ندوة عقدتها منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية، وقد كانت الجماهير التي جاءت من شتى أنحاء البلاد ومن كافة الفئات والأعمار وغطائها الشمس الحارقة نهاراً والرطوبة والبرد ليلًا متخوفة من أن يخضع الجيش لأي إستفزاز أو إبتزاز، متسائلة عن المصير وقد صرح احد هؤلاء الخبراء المحايدين بأن الجيش سيكون محايداً تماماً، ومهني ولن يدعم إلا موقفاً مكتمل النصاب من الناحيتين الشعبية والقانونية، ويعود تأخر موقف الجيش إلى إنتظاره لحظة كمال الموقف وإمتلاء الميادين بجميع افراد الشعب في كل المحافظات، بينما صرح الآخر بان موقف الجيش يجب أن يأتي متأخراً ورشيداً، لكنه سيكون بحجم مصر وسيبكي القلوب وسيحمل مفاجآت مرحلة مرتكزة على إرادة شعبية واضحة، وما موقف الجيش إلا موقف الشعب وممثليه مدعوما محميا من الجيش.، ولقد كان انتظار الشعب للجيش كإنتظاره للمخلص والخلاص، ولم تمض إلا أيام قلائل، حتى أعلن الجيش حمايته لإرادة الشعب بحضور القادة الدينيين من الأزهر والكنيسة والقادة السياسيين والشعبيين، وممثلي الحملات وتلى الجيش بيان الخلاص بيان انقاذ مصر وشعبها وقد بين مضمون البيان امرين اكد عليهما :-
الامر الاول :

وهو ان الجيش لا يزال جيش مصر الوطني المخلص لأرضه وشعبه وتاريخه كما بين استعداد الجيش لتحمل كافة مسئولياته الوطنية وتجسد موقف الجيش ببسالة المجلس العسكري وتحديه واستعداده لموقف جهادي بطولي تتطلبه الدولة والسيادة والمرحلة.
الامر الثاني :

هو وجود حالة عالية من الشجاعة والإيثار والتضحية والاستعداد لتحمل الصعاب، وترك اليسر، وقد جسد المؤسسة العسكرية وقتها وزير الدفاع، عندما حمل المسئولية على عاتقه معلنا استعداده والقوات المسلحة لحماية مصر وشعبها وسيادتها وأمنها وتاريخها مهما كلف ذلك .. لقد أعلن الرجل ذلك وهو مدرك حجم الصعاب التي ستواجه القوات المسلحة في ظل تركة قاسية وصعبة وقد يفضل البعض البقاء في مناصب قيادية بإمتيازاتها بعيدا عن هموم ومصاعب وبلاء الرئاسة.، وفي الحقيقة كان الرجل خلاصاً ومخلصاً وضرورة مرحلة.
كانت الدولة بحاجة إلى مجموعة إصلاحات ورغم الحاجة اليها إلا أنه لم يمضي إلى هذه الاصلاحات بقرارات فردية من المجلس العسكري كون هذه الاصلاحات تتعلق بالدولة والشعب والأمن الوطني والقومي لذا طلب تفويضاً شعبيا للقيام بذلك وهنا تبرز مهنية الجيش وحكمة قادته وتمت الإصلاحات السياسية وعملية البناء الدستوري، بشرعية شعبية كما تمت مكافحة الارهاب الذي كلفت الدولة ميزانية طائلة بنفس الشرعية.
الاحزاب والفقر السياسي

رغم عراقة وعمق الحياة السياسية في مصر فإن أحد المشاكل السياسية في مصر تراثية الأحزاب، وعدم تواصل ماضيها مع حاضرها، وهزال خطابها وبسبب ذلك فان من بين الأزمات التي تمر بها الدولة هي عملية الفقر السياسية وعدم مهنية ونضج الاحزاب، وعدم تماشي خطابها إن وجد مع المرحلة الراهنة، وفقرها لخطوط القيادة المتوالية جيل بعد جيل أو إفتقارها لحالة (القيادة والقيادة البديلة) إفتقارها لبرامج الطوارئ والأزمات وعدم شرعية الكثير منها على الساحة السياسية، كل ذلك وضع مصر كدولة، وجيشها كحامي للسيادة والإرادة الشعبية، أمام حالة تنعدم فيها الخيارات، فلا يوجد ما تقدمه هذه الأحزاب من قيادات تتولى إدارة الدولة أو من يتحمل مسؤولية مرحلة ! فلابد وأن يكون العبور فيها موفقاً ناجحاً محققاً للأهداف.، والجدير بالذكر والإحترام هنا : هو إدراك الشعب لخواء القوى السياسية وفقرها لذا كانت عفوية الشعب حاضرة عندما رفع شعارات تطالب وزير الدفاع وقتها بالترشح لإنتخابات الرئاسة، وهنا برز في هذه المرحلة ان الشعب هو الحاكم، ولدى الشعب من يفوضه وقد توفرت فيه صفات المخلص ففوضه وكلفه .. كانت مصر تبحث عن زعيم مرحلة ومُخلص واختار الشعب بعفوية كبيرة وفوض ودعم خياره عندما خرج للإنتخاب وبحث عن حقه الانتخابي أين وكيف ولماذا .. لتمتد شرعية الـ 30 من يونيه متواصلة في مشروع إنتخاب من تحتاجه وتستحقه مصر .
الانتخابات المصرية 2014
:

لقد جرت الإنتخابات الرئاسية المصرية بشكل مثالي قياساً للظروف التي مرت بها البلاد، من إرهاب ومساعي لعرقلة مسيرة الإصلاح ومساعي لمنع المواطنين من المشاركة بالانتخابات.، وخاصة اذا ما قورنت بغيرها في بلدان مستقرة وقد أدار المرشحين حملتهما كل على اكمل وجه، خاصة السيد/ حمدين صباحي الذي أبدى وفريقه شراسة شديدة في مواجهة خصمه المشير/ عبدالفتاح السيسي وتعد مواجهة السيد/ حمدين صباحي، ومنافسته لمرشح الشعب المشير/ عبدالفتاح السيسي، خطوة شجاعة تستحق التقدير، وواجب وطني أداه بشرف وببسالة، ومهما كانت النتائج فقد قام الرجل بدوره في حين تقاعس الآخرون خوفاً من عار الخسارة، بينما لم يرى الرجل عاراً في خسارة لأجل مصر، وأكمل حمدين صباحي، جمال موقفه عندما أعلن بلباقة ورقي خسارته أمام الرئيس السيسي، الذي فاز بثقة غالبية كبيرة من الشعب المصري في الإنتخابات، وكانت المرأة هي المحور الرئيسي في نجاح الانتخابات بغض النظر عن الفائز فيها.
الرئاسة المصرية وانتقال السلطة
:

الرئيس/ عدلي منصور الزاهد الرصين عالي الفخامة وصاحب الجميل الرجل الذي حمل المسئولية القاسية وأدى الأمانة زاهدا منتظرا الخلاص وتسليم الامانة ويجب أن يشهد تاريخ مصر لهذا الرجل بالوفاء والتقدير والتبجيل، ويشهد أن الله كرمه بأن جعله في إحدى أفضل الصور الجميلة والفريدة في تداول السلطة في العالم العربي والعالم أجمع، وليس في مصر وحدها.
لقد احتفل العالم العربي وأحرار العالم بانتقال السلطة في مصر من رئيس انتقالي أدى مهمته إلى رئيس قرر قبلها أن يكون مواطنا صالحاً فحظى بتأييد وتفويض الشعب ثم فاز بجدارة عالية وحاز على ثقة الشعب ليكون رئيسا وقائداً ومخلصاً لهذه المرحلة.
احتفلت مصر وأدت الدستورية العليا طقوسها وواجباتها في حفل نادر من نوعه وسلم الرئيس المبجل/ عدلي منصور الراية والرسالة والرئاسة للرئيس الفائز/ عبدالفتاح السيسي بكل عز ووقار وجمال وكان حفلا مهيباً أعاد لمصر مكانتها وكبريائها ووضعها على الخط الصحيح.
الرئيس السيسي والمرحلة
:

مختاراً من الشعب ومفوضا منه وحائزاً على ثقته يستلم البلاد مثقلة بالديون والهموم، وتركتين ثقيلتين وفي ظل تآمر إرهابي كبير ومساعي خفية لتدمير البلاد .. ماذا على الرئيس ان يفعل .. يجب عليه مكاشفة الشعب ومصارحته هذا هو الحال وتلك هي القدرات وهذه هي المقدرات والمعطيات وهذا هو الموقف الدولي وهؤلاء هم اشقاؤنا وهؤلاء اصدقاؤنا وحلفائنا وهكذا نفكر والاعتماد على الله وعلى ارادة الشعب .. ، وقد فعل الرجل وأعلن ان المسئولية هي مسئولية شعب وان السلطة تعمل على إدارة البلاد بتفويض شعبي وقال بمعنى قول الإسكندر المقدوني (ما مكنني به ربي أعينوني عليه بقوة) اي اعينوني على تحقيق مطالبكم بأنفسكم. إن اجمل الخطوات التي بدأها الرئيس كانت تهذيب حكومته وحملها على الحياء والإحساس بالمسئولية، وترويض رأس المال ليكون وطنيا .. مصر وطن ملك الجميع، ونموها مسئولية الجميع، وقد ولى زمن الشعارات والمزايدات وجاء يوم التضحيات وتحمل المسؤوليات، وقد أبدأ الرئيس بنفسه بالتضحية بالنفس والمال.
وإلى عالم أفضل
الإشراف ورئيـس هيئة الإعداد
الــدكـــتـــور/ محمد نورالديـن
أســـــتــــاذ العلـــوم السياسية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق